ما هو عـرق
النسا ؟.
يقول ابن منظور في لسان العرب النِّسا: عرق من الورك إلى الكعب ، أَلفه منقلبة عن واو لقولهم نَسَوانِ في تثنيته ، وقد ذكرت أَيضاً منقلبة عن الياء لقولهم نَسَيانِ .
الزَّجَّاجُ: لا تَقُلْ عِرْقُ النَّسَا، لأنَّ الشيءَ لا يُضافُ إلى نَفْسِه.
الأَصمعي: النَّسا ، بالفتح مقصور بوزن العَصا ، عِرْق يخرج من الوَرِك فيَسْتَبْطِنُ الفخذين ثم يمرّ بالعُرْقوب حتى يبلغ الحافر ، فإذا سمنت الدابة انفَلَقت فخذاها بلَحْمَتَين عظيمتين وجَرى النَّسا بينهما واستبان ، وإذا هُزِلَت الدابة اضطرَبَت الفخذان وماجَت الرَّبَلَتان وخَفِي النَّسا ، وإنما يقال مُنْشَقُ النَّسا ، يريد موضع النَّسا ، والعرب لا تقول عِرْق النسا كما لا يقولون عِرْقُ الأَكْحَل، ولا عِرْق الأَبْجَل، إنما هو النَّسا والأَكْحَلُ والأَبْجَل .
وحديث سعدٍ، رضي اللّه عنه: : رَمَيْتُ سُهَيْلَ بن عَمرو يوم بَدْر فقَطَعْتُ نَساهُ فانْثَعَبَتْ جَدِّيةُ الدَّمِ، أَي سالَتْ، ويروى فانْبَعَثَتْ .
والأَفصح أَن يقال له النَّسا ، لا عِرْقُ النَّسا ... ابن سيده: والنسا من الوَرِك إلى الكعب ، ولا يقال عِرْقُ النَّسا .
وفي التهذيب نَسْياء ، إذا اشْتَكَيا عِرْق النَّسا ، وقال ابن السكيت: هو عِرْقُ النَّسا .
عرق النسا : يسمى العصب الوركي " sciatic nerve "، وهو العصب الأكبر في الجسم ، يبدأ من الفقرة الرابعة من الفقرات القطنية حتى أسفل القدم بسبب بروز الغضروف بين الفقرة الرابعة والخامسة من الفقرات القطنية وضغطه على العصب الوركي .
ومن هنا يُشيرُ ألم النّساُ إلى الألمِ الحاصل في منطقة الفقرة الرابعة من الفقرات القطنية مرورِا بالورك الى عجزِ الفخذِ , الى تحت الركبة, وألى أسفل جانبي السّاق وجانبِ القدمِ.
عرق النسا في الطب النبوي :
يقول ابن القيم فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى علاج عِرْق النَّسَا : روى ابن ماجه فى ((سننه)) من حديث محمد بن سِيرين، عن أنس بن مالك، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( دواءُ عِرْقِ النَّسَا ألْيَةُ شاةٍ أعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ، ثمَّ تُجزَّأُ ثلاثةَ أجزاءٍ، ثُمَّ يُشْرَبُ على الرِّيقِ فى كلِّ يومٍ جُزْءٌ )).
أعراض عرق النسا
وجعٌ يبتدىءُ مِن مَفْصِل الوَرِك، وينزل مِن خلفٍ على الفخذ، وربما على الكعب، وكلما طالت مدتُه، زاد نزولُه، وتُهزَلُ معه الرجلُ والفَخِذُ، وهذا الحديثُ فيه معنى لُّغوى، ومعنى طبى.
فأما المعنى اللُّغوى: فدليلٌ على جواز تسمية هذا المرض بِعرْقِ النَّسَا خلافاً لمن منع هذه التسمية، وقال: النَّسَا هو العِرْقُ نفسه، فيكونُ من باب إضافة الشىء إلى نفسه، وهو ممتنعٌ.
وجواب هذا القائل من وجهين؛ أحدهما: أنَّ العِرْق أعمُّ من النَّسَا، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص نحو: كُل الدراهم أو بعضها.
الثانى: أنَّ النَّسَا هو المرضُ الحالُّ بالعِرْق؛ والإضافة فيه من باب إضافة الشىء إلى محلِّهِ وموضعه.
سبب التسمية
قيل: سمى بذلك لأن ألمه يُنسِى ما سواه ، وهذا العِرْقُ ممتد من مفْصل الورك، وينتهى إلى آخر القدم وراءَ الكعب من الجانب الوحشى " فيما بين عظم الساق والوتر.
وأما المعنى الطبى: فقد تقدَّم أنَّ كلام رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نوعان؛
أحدهما: عامٌ بحسب الأزمان، والأماكن، والأشخاص، والأحوال.
والثانى: خاصٌ بحسب هذه الأُمور أو بعضها، وهذا من هذا القِسم، فإنَّ هذا خطابٌ للعرب، وأهل الحجاز، ومَن جاوَرَهم، ولا سيما أعراب البوادى، فإنَّ هذا العِلاجَ من أنفع العلاج لهم، فإنَّ هذا المرض يَحدث من يُبْس، وقد يحدث من مادة غليظة لَزِجَة، فعلاجُها بالإسهال و((الألْيَةُ)) فيها الخاصيَّتان: الإنضاج، والتليين، ففيها الإنضاج، والإخراج. وهذا المرضُ يَحتاج عِلاجُه إلى هذين الأمرين.
وفى تعيينِ الشاةِ الأعرابيةِ لقِلةُ فضولِها، وصِغرُ مقدارِها، ولُطف جوهرها، وخاصيَّةُ مرعاها لأنها ترعى أعشابَ البَرِّ الحارةَ، كالشِّيحِ، والقَيْصُوم، ونحوهما، وهذه النباتاتُ إذا تغذَّى بها الحيوانُ، صار فى لحمه من طبعِها بعد أن يُلَطِّفَها تغذيةً بها، ويُكسبَها مزاجاً ألطَفَ منها، ولا سيما الألية، وظهورُ فعل هذه النباتاتِ فى اللَّبن أقوى منه فى اللَّحم، ولكنَّ الخاصيةَ التى فى الألية من الإنضاج والتَّلْيِين لا تُوجد فى اللَّبن. وهذا كما تقدَّم أنَّ أدويةَ غالب الأُمم والبوادى هى بالأدوية المفردة، وعليه أطباءُ الهند.
وأما الروم واليونانُ، فيَعتَنُون بالمركَّبة، وهم متفِقون كُلُّهم على أنَّ مِن مهارة الطبيب أن يداوى بالغِذاء، فإن عجز فبالمُفرد، فإن عجز، فبما كان أقلَّ تركيباً.
وقد تقدَّم أنَّ غالب عاداتِ العرب وأهل البوادى الأمراضُ البسيطةُ، فالأدوية البسيطة تُنَاسبها، وهذا لبساطةِ أغذيتهم فى الغالب. وأما الأمراضُ المركَّبة، فغالباً ما تحدثُ عن تركيب الأغذية وتنوعها واختلافِها، فاختيرت لها الأدوية المركَّبة.. والله تعالى أعلم.
انتهى كلام ابن القيم.
ويقول الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن عند تفسيره سورة آل عمران. الآية: 93 - 94 ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون).
ترجم ابن ماجة في سننه " دواء عرق النسا" حدثنا هشام بن عمار وراشد بن سعيد الرملي قالا حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا هشام بن حسان حدثنا أنس بن سيرين أنه سمع أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم يشرب على الريق في كل يوم جزء). وأخرجه الثعلبي في تفسيره أيضا من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرق النسا: (تؤخذ ألية كبش عربي لا صغير ولا كبير فتقطع صغارا فتخرج إهالته فتقسم ثلاثة أقسام في كل يوم على ريق النفس ثلثا) . قال أنس: فوصفته لأكثر من مائة فبرأ بإذن الله تعالى. شعبة: حدثني شيخ في زمن الحجاج بن يوسف في عرق النسا: أقسم لك بالله الأعلى لئن لم تنته لأكوينك بنار أو لأحلقنك بموسى. قال شعبة: قد جربته، تقوله، وتمسح على ذلك الموضع أ.هـ.
وفي الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي
شفاء عرق النسا: ألية(ألية و إلية، كلاهما صحيح، وهما في "القاموس".) شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء، ثم تشرب على الريق كل يوم جزءا
قال أنس: وصفته لثلاثمائة نفس، كلهم يعافى.
وهذا خطاب لأهل الحجاز ونحوهم، فإن هذا العلاج ينفعهم إذ المرض يحدث من يبس (عندهم)، وقد يحصل من مادة غليظة لزجة (عند غيرهم)، وفي الألية إنضاج وتليين، والمرض يحتاجها (إن كان بسبب اليبس). وخص الشاة الأعرابية لقلة فضولها، ولطف جوهرها، وطيب مرعاها (أو لمواد خاصة في أدهانها لا توجد في أدهان غيرها.
التخريج (مفصلا): أحمد في مسنده وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن أنس
تصحيح السيوطي: صحيح
تصحيح المناوي: قال الحاكم: على شرطهما (أي البخاري ومسلم). وأقره الذهبي.
ويطلق (عرق النسا) أو الألم الوركي على ألم عصبي ذي صلة بالعصب الوركي يمتاز بألم يمتد على الوجه الخلفي من الفخذ والساق. ويبدو أن المصطلح هذا لم يتغير مفهومه حديثا عما عرفه القدماء، فقد عرفه الكحال (650 ميلادي) (بأنه وجع يبتدئ من مفصل الورك وينزل من خلف الفخذ وربما امتد على الكعب وكلما طالت مدته زاد نزوله وينتهي إلى آخر القدم من وراء الكعب من الجانب الوحشي فيما بين عظم الساق والوتر).
قال الكحال ابن طرخان: (هذه المعالجة تصلح للأعراب والذين يعرض لهم هذا المرض من يُبس، وقد ينفع ما كان من مادة غليظة أو لزجة بالإنضاج والإسهال، فإن الإلية تنضج وتسهل وتلين. وقصد بالشاة الأعرابية قلة فضولها وصغر حجمها ولطف جوهرها ولمكان رعيها أعشاب البر الحارة كالشيح والقيصوم ونحوها)..ويرى ابن القيم في الطب النبوي أن هذا الحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الخاص لأهل الحجاز ومن والاهم من الأعراب والبوادي فإنها أنفع العلاج لهم.
وقد ذكر الأخصائي بالتشخيص المرضي، الدكتور غياث حامد أن مرض "عرق النسا" الوارد هنا غير مرادف تماما لتشخيص معين في الطب الحديث، ويصعب تعيينه بيقين لمن أراد الاستفادة من هذا الحديث. وأقرب ما يوجد له هو أحد أوجاع المفاصل الذي ينتج عنه انضغاط عصب يسمى "عرق الأنسر". وفي بعض حالات هذا المرض، قد توجد في نوع معين من الأدهانِ، موادٌ تساعد الجسم على ترميم الضرر، وقد تكون إحدى تلك الحالات هي المرض الذي عناه أبو هريرة رضي الله عنه والمناوي.
أسباب عرق النسا:
ولعرق النسا أسباب عدة، وأكثر حوادثه تنجم عن فتق النواة اللبية للغضاريف بين الفقرات والذي يؤدي إلى انضغاط الجذور العصبية، كما أن التعرض للبرد يسبب الاحتقان الدموي داخل السيساء المؤدي إلى ذلك الانضغاط ، وقد تنجم عن الرثية ( وجَعٌ في الرُّكْبَتَين والمفاصِل) أو الإنسمامات أو الإصابة بداء المفاصل الفقرية أو الأنتان بالعصيات الكولونية التي تستوطن الأمعاء وتصبح ممرضة في ظروف خاصة.
ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم لعرق النسا إلية شاة أعرابية، أو إلية كبش على رواية أخرى بمناسبة إصابة احد الصحابة بعرق النسا. ويرى الدكتور النسيمي في تعليل هذه الوصفة: (أن إصابة ذلك الصحابي ربما كانت ناتجة عن إنتان بالعصيات الكولونية. وإن تناوله للدهن بهذه الكمية يؤدي إلى اسهال يقوم بعملية طرد الجراثيم من الأمعاء التي تعد موئلا لها، هذا إلى جانب حكم أخرى الله أعلم بها، لم يتوصل إليها العلم بعد).
علاج النسا بالقطع
وقد يعالج النسا بالقطع ففي معجم الطبراني الكبير عن حصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن محمود بن لبيد عن بن شفيع وكان طبيبا قال قطعت من أسيد بن حضير عرق النسا فحدثني حديثين قال أتاني أهل بيتين من قومي فقالوا كلم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لنا من هذا التمر فأتيته فكلمته فقال نعم نقسم لكل أهل بيت شطرا وإن عاد الله علينا عدنا عليهم فقلت جزاك الله عنا خيرا قال وأنتم فجزاكم الله عني معاشر الأنصار خيرا فإنكم ما علمت أعفة صبر أما إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني .
علاج النسا بالفصد:
ففي كتاب معالم القربة في طلب الحسبة يقول المؤلف وأما عروق الرجلين , فأربعة , منها عرق النسا , ويفصد عند الجانب الوحشي من الكعب , فإن خفي فلتفصد الشعبة التي بين الخنصر والبنصر [ من القدم ] ; ومنفعة ذلك عظيمة , سيما في النقرس والدوالي وداء الفيل . ومنها عرق الصافن , وهو على الجانب الأيسر [ من الساق ] , وهو أظهر من عرق النسا , وفصده ينفع من البواسير , ويدر الطمث , وينفع الأعضاء التي تحت الكبد . ومنها عرق مأبض [ باطن الركبة ] , وهو مثل الصافن في النفع . ومنها العرق الذي خلف العرقوب , وكأنه شعبة من الصافن , ومنفعة فصده مثل الصافن .
عرق النسا: بفتح النون: مقصور قبالة الصافن في الجانب الوحشي. أ.هـ
قلت وجدت في أكثر من مبحث أن عرق النسا يشار اليه على أنه وريدا " عرقا " وليس بعصب وهذا خلاف ما هو معروفا طبيا ، العلاقة بين عرق النسا والعصب النسئ؟ عرق النسا هو الأنبوبة أو الماصورة التي يمر بداخلها العصب النسئ. فإن كان وريدا ممتلئ بالأخلاط فإن علاج وجع عرق النسا يكون بفصد العرق الذي عند إصبع الرجل الصغرى واخرج الدم منه ، فإن لم يقلع ذلك الوجع فا فصد عرق النسا عند الجانب الوحشي من الكعب ، ومن كان يعاوده هذا الوجع فلا شيء أصلح له من الكي واحدة على الورك ثم أخرى على الفخذ ثم على الساق, والبعض يزيد اخرى قرب خنصر القدم .
وقيل إذا غلب على صاحبه واشتدّ ضربانه تأخذ تكّتين " حبل " فتعقدهما وتشدّ فيهما الفخذ الّذي به عرق النّسا من الورك إلى القدم شدّاً شديداً أشدّ ما يقدر عليه حتّى يكاد يغشى عليه يفعل ذلك به وهو قائم ثمّ تعمد إلى باطن خنصر القدم الّتي فيها الوجع فتشدّها ثمّ تعصرها عصراً شديداً فإنّه يخرج منه دم أسود ثمّ يحشى بالملح والزّيت فإنّه يبرأ بإذن اللّه عزّ وجلّ»